أخبار عاجلة

العدل اساس لبناء الدولة القوية !!!

top-news

كتب / خليل السيفاني


هذه حقيقة تتجلّى في جوهر الرّسالات السّماويّة وقيم الفطرة السّليمة، فما من فضيلة أسمى ولا من قيمة أرسخ في بناء المجتمعات المتحضّرة من إرساء قواعد العدل والإنصاف، وإعادة الحقوق إلى أصحابها، إنّها دعوة صريحة لكلّ من ولّيَ أمرا، أو قضي بين النّاس، أو حتّى تعامل مع من حوله، لأنّ يضع نصب عينيه هذا المبدأ العظيم، فالعدل ليس مجرّد شعار يرفع بل هو منهج حياة، وسلوك يوميّ يظهر في أدقّ التّفاصيل وأعظم القرارات، ومن هنا تتجلّى قيمة العدل عند اللّه سبحانه وتعالى، فهو إسم من أسمائه الحسنى، وصفة من صفاته العلى، لا يظلم مثقال ذرّة ولا يغيب عنه مثقال حبّة من خردل، وقد أمر اللّه عزّ وجلّ بالعدل في كتابه الكريم في آيات عديدة، منها قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا تأكيد ربّانيّ صريح على وجوب إقامة العدل، وأنّ أداء الأمانات ورد المظالم جزء لا يتجزّأ من هذا المفهوم الشّامل، فالأمانة هنا لا تقتصر على الودائع المادّية بل تتسّع لتشمل كلّ حقّ يجب رده إلى صاحبه، وكلّ ظلم يجب إزالته، وكلّ مظلمة يجب جبر كسرها

لقد أولى القرآن الكريم أهمّية قصوى للعدل، فجاء ذكره في آيات عديدة بلفظه ومعناه ليؤكّد على مكانته المحوريّة في بناء الفرد والمجتمع، لم يكن هذا التّكرار مجرّد مصادفة بل هو تأكيد على أنّ العدل قيمة أصيلة لا تستثنى في أيّ جانب من جوانب الحياة، من الحكم والقضاء، إلى التّعاملات اليوميّة بين النّاس، وحتّى في التّعامل مع الأعداء، هذا التّأكيد القرآني المتكرّر يبرز أنّ العدل ليس خيارا بل هو فريضة وضرورة لقيام مجتمع صالح تسوده الطّمأنينة والإنصاف

إنّ ردّ المظالم هو قمّة العدل لأنّه يزيل آثار الجور والظّلم الّتي تخنق النّفوس وتورث الأحقاد وتدمّر الأسر وتفتت المجتمعات

 عندما تعاد الحقوق إلى أصحابها تتجدّد الثّقة، وتشفى الجروح، ويحل السّكينة محلّ القلق، والطّمأنينة محلّ الخوف، فالمظلوم الّذي سلبت منه حقوقه سواء كانت مادّية أو معنويّة يعيش في حالة من الألم والحسرة، وقد يتولّد لديه شعور عميق باليأس والظّلم ممّا قد يدفعه إلى سلوكياّت غير مرغوبة، ولكن عندما ينصف ويردّ إليه ما سلب منه يشعر بقيمة العدل، ويدرك أنّ هناك من يدافع عن الحقوق ممّا يعزّز لديه الشّعور بالأمن والإنتماء، وهذا لا يقتصر على الفرد المظلوم بل يمتدّ أثره ليشمل المجتمع بأسره، فإقامة العدل ترسي دعائم الإستقرار، وتعزّز اللّحمة الإجتماعيّة، وتنمّي روح التّعاون والتّكافل،

الأسباب الّتي تجعل ردّ المظالم أفضل أشكال العدل متعدّدة الجوانب: 

أوّلا: هو تحقيق عمليّ لمبدأ المساواة، فالمظالم غالبا ما تنشأ من تفاوت في القوّة أو السّلطة أو النّفوذ، وردّ المظالم يعيد التّوازن ويبيّن أن الجميع سواسيّة أمام الحقّ والعدل. 

ثانيّا: هو وسيلة لتحقيق التّطهير الرّوحي للمظلوم والظّالم على حدّ سواء، فالمظلوم يتخلّص من عبء الظّلم الّذي أثقل كاهله، والظّالم يقدم على خطوة نحو التّوبة والإصلاح، ويتطّهر من ذنب عظيم علق بضميره. 

ثالثّا: يسهم في بناء مجتمع يسوده الوئام والتّعايش السّلمي، فغياب العدل يولّد الصّراعات والنّزاعات، بينما حضوره يفضي إلى الهدوء والإستقرار. 

رابعا: يعدّ ردّ المظالم دليلا على قوّة القانون وسيادة الدّولة، فالمجتمعات الّتي تطبّق العدل بصرامة وتجبر الظّالم على ردّ المظلمة، هي مجتمعات قويّة ومهابة، يحترم فيها الحقّ وتصان فيها الحرمات.

إنّ رحلة العدل تبدأ من الفرد، من ضميره الحيّ، وإحساسه بالمسؤوليّة إتّجاه تجاه الآخرين، وتمتدّ لتشمل الأسرة والمجتمع والدولة بأسرها، فالظّلم قد يأخذ أشكالا مختلفة بدءًا من الكلمة الجارحة، مرورا بالظّلم المادّي، وصولا إلى الظّلم المعنوي وسلب الحقوق والإعتداء على الحرّيّات، وفي كلّ هذه الحالات يبقى ردّ المظلمة هو البوصلة الّتي تهدي إلى الصّواب، والطّريق الّذي يعيد السّكينة والعدالة إلى نصابها، فالعدل ليس مجرّد غاية بل هو مسار متواصل يتطلّب يقظة ووعيّا ومثابرة لأنّه لا شيء يقيم مجتمعا ويحصّنه من الإنهيار مثل إقامة العدل والإنتصار للمظلومين

إنّها دعوة إلهيّة ونداء فطريّ لكي نعلي من قيمة العدل في حياتنا، وأن نسارع إلى ردّ المظالم سواء كنّا طرفا فيها أو شاهدين عليها، فالجزاء من جنس العمل، ومن يعين على ردّ المظالم يعينه اللّه، ومن يقدم على ظلم النّاس فليعلم أن دعوة المظلوم لا تردّ، فلتكن حياتنا كلّها بناءً للعدل، وإزالة للظّلم، لنحظى برضا اللّه سبحانه وتعالى، ونسهم في بناء عالم يسوده السّلام والأمان.

image

اقرأ أيضاً

image

قبيلة العصارنة السيبانية تنفي شائعات رفضها لمعسكرات حلف قبائل حضرموت وتؤكد ولاءها الكامل للحلف

  • 2025-05-28 (أخبار حضرموت) Reporter 12

جريدتنا اليومية

انضم إلينا لتبقى مواكباً لأحدث
التطورات المحلية والعالمية

اخترنا لك

  1. الرئيسية

    2021-09-07 (home) وكالات

  2. أخبار حضرموت

    2021-09-07 (hadramout-news) وكالات

  3. أخبار المحافظات

    2021-09-07 (governorates-news) وكالات

  4. أخبار عالمية

    2021-09-07 (world-news) وكالات

  5. تقارير

    2021-09-07 (reports) وكالات