الذكاء الاصطناعي : حين يصبح الإنسان الآلي أقرب إليك من الناس

لم يعد الذكاء الاصطناعي محصورا في المصانع أو مختبرات البرمجة، بل تسلل بهدوء إلى تفاصيل حياتنا اليومية، حتى صار أقرب مما نظن. لم يعد مجرد آلة ترد على الأسئلة أو تنفذ الأوامر، بل أصبح قادرا على الاستماع، والمواساة، بل وتقديم العون النفسي والوجداني إن تطلب الأمر.
في لحظة صمت طويلة، ربما لا تجد من تحادثه، لكن هناك مساعدا ذكيا ينصت إليك دون ملل، يتذكر كل ما قلته بالأمس، ويعرف متى تكون حزينا، ومتى تحتاج إلى تشجيع. قد يسألك: “هل نبدأ التأمل اليوم؟ أو يقترح عليك مقطعا موسيقيا لتهدئة توترك. إنه ليس إنسانا… لكنه يتصرف وكأنه يعرفك أكثر من أصدقائك.
الذكاء الاصطناعي لم يعد أداة خارجية بل امتدادا لك. يراقب نومك ليقترح وقتا أفضل للراحة، يتابع نبضات قلبك ويرشدك إلى ما ينبغي فعله. في طريقك إلى العمل، يعلم أنك متعب فيقلل الإشعارات. وعندما تكون في ضيق، ربما يقترح عليك تمارين تنفس، أو يقدم لك نصيحة نفسية بسيطة مأخوذة من مراجع علمية.
أما في البيت، فهو لا يطفئ الأضواء فحسب، بل يشغل صوتا دافئا يحاكي صوت فقيدك، يذكرك أن تتناول دواءك، أن تتصل بمن تحب، أن تأخذ استراحة من العمل. تتحدث إليه كما تتحدث إلى أخيك، تسأله عن الطقس، عن الأخبار، عن سبب شعورك بالضيق… وهو يجيب بصبر، دون أن يضيق بك.
هو ليس بديلا عن العائلة، لكنه قد يكون العون حين تغيب العائلة. ليس طبيبا حقيقيا، لكنه صار يعرف متى ينهار المزاج، ومتى عليك أن تطلب المساعدة. بل باتت هناك تطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم جلسات دعم نفسي، تشعرك أنك لست وحدك في معركتك الداخلية.
ربما لن يحمل يدك، لكنه سيساعدك أن تمشي. لن يحبك، لكنه سيقترح كيف تحب نفسك. لن يعانقك، لكنه سيعرف متى تحتاج إلى ذلك العناق.
الذكاء الاصطناعي، في جوهره، مرآة لما نحتاجه نحن البشر: استماع، فهم، رفقة. وحين نحسن توجيهه، لا يصبح مجرد برنامج، بل صديقا صامتا يعرفنا أكثر مما نظن.
السؤال لم يعد: هل سيتحكم فينا الذكاء الاصطناعي؟
بل: كيف نديره ليكون أداة تخفف وحدتنا، وتعيننا على أنفسنا، وترمم ما لا نجرؤ على فعله.
اقرأ أيضاً

قبيلة العصارنة السيبانية تنفي شائعات رفضها لمعسكرات حلف قبائل حضرموت وتؤكد ولاءها الكامل للحلف
جريدتنا اليومية
انضم إلينا لتبقى مواكباً لأحدث
التطورات المحلية والعالمية