السياسة بين الغموض والوضوح

كتب / مرعي حميد
*السياسة ظاهرة اجتماعية إدارية يهتم الكثير من الناس بها و يسعون لمعرفة جديدها و تبيّن أبعاد ذلك الجديد و دلالاته وذلك لتأثيرها عليهم أو على من يهمهم أمرهم أو كنوع من الاهتمام العام و منهم لاشتغاله بها على نحو ما ..*
*إنّ للسياسة مقدارين يتشاطرانها هما الغموض و الوضوح معظم الوقت و ذلك لطبيعتها غير القابلة للقياس على نحو دقيق ...*
*و السياسة تختلف عن العلوم الطبيعية و التجريبية لكونها علوم قياسية محددة التفاصيل و الظواهر في الغالب الأعم ، أما السياسة الجارية فلا يمكن معرفة الكثير من أبعادها على وجه اليقين كما لا يمكن التنبؤ بما يستجد منها وعلى صعيدها قبل حدوثه ...*
*أولاً : الغموض السياسي :*
*لماذا تكون السياسة غامضة ؟!*
*العامل الأول هو ارتباط الفعل السياسي بأشخاص محددين أو قلّة منهم و ربما ارتباطها بفرد واحد ، و بالتالي غموضها عن من عداهم ، و في أحيان يكون هناك خفي خلف ما يظهر لهذا العمل السياسي أو ذاك ، وحتى ما يتم إعلانه من المعنيين بها قد يفتقد للمصداقية التامة أو يخلو منها تماماً ، و من أهم أشكال العمل السياسي المرتبط بالدائرة الضيّقة من صُنّاعه ما يلي :*
*قرار تعيين أو إقالة..*
*قرار بعمل معين أو المشاركة فيه ، أو العكس : عدم القيام به و عدم المشاركة فيه و ربما معارضته ..*
*الفعل السياسي : زار ، استقبل ، تفقّد ، بحث ..*
*القول السياسي ضمن تصريح ، مقابلة ، بلاغ ، بيان ، مقال ، تغريدة ، منشور ...*
*الاجراء مثل بدء هجوم ، رد على هجوم ، قطع علاقة ، اعتراف ، فرض عقوبات ..*
*و إزاء تلك الأعمال ينشأ السؤال :*
*لماذا فعل ذلك ..*
*ماذا يقصد بقول ..*
*لماذا في هذا التوقيت قال أو فعل ...*
*وكل هذه الأمور أعلاه لا يمكن معرفتها و لا التنبؤ بها للمراقب من خارج الدائرة السياسية المعنية على الأقل على وجه اليقين ، ومن هنا تنشأ حالة الغموض السياسي ...*
*وقد يُصرّح بعض الساسة بما ( يكشف ) الغموض قبل الفعل أو معه لكن هذا يُحتمل الصدق و يُحتمل غيره ...*
*والعامل الثاني الغموض السياسي مردّه إلى تنوّع الخيارات و تعدد الاحتمالات لطبيعة الموقف أو الإجراء العملي إزاء القضية المطروحة للعرض و للنقاش و للتدخّل لدى النُخبة السياسية...*
*ثانياً : الجزء الظاهر :*
*هناك عوامل و مؤثرات ترتبط بها تلك الأمور من الأقوال و الأعمال و القرارات و المواقف و الإجراءات السياسية ، و كلّما كان إنسان بها أعرف كان أقدر على التنبوء السليم و إدراك الأبعاد و الدلالات ... و هي العوامل و المؤثرات الآتية :*
*1 _ الظروف المُحيطة ذات التأثير ، سواء كانت داخلية أو خارجية ..*
*2 _ ميزان القوى ..*
*3 _ الإمكانيات الاقتصادية ..*
*4 _ الدين أو الأيديو لوجيا أو المصلحة ، والمصلحة ثلاث : مصلحة عامة ، مصلحة فردية ، مصلحة نُخبة سياسية ..*
*5 : أثر الأصدقاء أو الحاجة أو الضرورة ..*
*6 : الاضطرار للفعل ..*
*وهناك أمور تظهر للعامّة وتُصبح معروفة و اضحة و بوسع المُحلل السياسي تحليلها و القول في أبعادها و مضامينها و آثارها ، ومن هذه الأمور :*
*حدث سياسي مثل : قمة ، اعتراف ، إعلان تأييد أو معارضة ..*
*حدث مؤثر مثل : موت سياسي ، كارثة طبيعية ...*
*تطوّر سياسي مثل : معاهدة ، اتفاقية ، فوز في الانتخابات , خسارة انتخابية ، تولّي حكم ، انقلاب ، عزل من منصب مرموق ، اغتيال .*
*تحليل الفعل و يتضمّن : خلفيته ، اكتشاف أسبابه ، آثاره ، وضع أبعاده ، قيمته ، طريقته ، توقيته ، هدفه ..*
*أسس ختامية في الفهم :*
*الربط الصحيح بين مكونات الأُحجية السياسية يساعد على فهمها و سبيله المتابعة الدائمة و المثابرة لجديد السياسية... إنها أشبه بقصة ذات شخوص عديدة كُلّما استطاع المُهتم قراءتها كاملة من دون فراغات مُهملة القراءة استطاع أن يفهمها أكثر و تمكّن من استيعاب الإشارات الخفيّة التي تكتنفها ..*
* السياسة لا يمكن قراءتها بشكل صحيح و القارئ أو المُتابع لها واقع تحت رُكام الأوهام و التحيُّزات و كميّات العواطف التي تحد من قدرته على الفهم الموضوعي الواقعي للسياسة و مُستجداتها و استطاع التجرّد للحقيقة فطلبها كما هي عذبة أو مُرّة ...*
* الترتيب السليم لمكوّنات الأحجية السياسية مما يساعد على فهمها و تجليتها له كما هي لا كما يرغب و يتمنّى ، و سبيله المتابعة الدائمة و المُثابرة لجديد السياسية...*
* أخذ جميع الاحتمالات و الخيارات بعين الاعتبار من دون إسقاط أياً منها دون سبب وجيه ...*
* الحياد و النزاهة ، فلا يمكن فهم الشأن السياسي و لا تفهيمه من دون نظر مُحايد و شمولي لا يغفل أيّاً من التفاصيل الهامة ، و من ينظر للشأن السياسي بتأثير رغباته و قناعاته المُنحازة لطرف فنظره لا قيمة له ...*
اقرأ أيضاً

قبيلة العصارنة السيبانية تنفي شائعات رفضها لمعسكرات حلف قبائل حضرموت وتؤكد ولاءها الكامل للحلف
جريدتنا اليومية
انضم إلينا لتبقى مواكباً لأحدث
التطورات المحلية والعالمية