قانون التربية الجنسية يضع قيم فرنسا على المحك ... وماذا سيُخلف ؟؟
لم يعد النقاش في فرنسا بشأن التربية الجنسية والعاطفية للأطفال في التعليم مجرد جدل أخلاقي افتراضي، أو وعد مؤجل، أو نقاش إعلامي عابر، بل تحوّل إلى قرار نافذ بموجب نص وزاري رسمي.
فقد نص القرار الذي فرضته وزارة التعليم ودخل حيز التنفيذ في سبتمبر/أيلول الماضي، على تخصيص 3 حصص تربوية تقدم على مدى العام الدراسي، من مرحلة الروضة وحتى المرحلة الثانوية، على أن تكون ملزمة لجميع المدارس الحكومية والخاصة.
الحياة العاطفية
يقوم جوهر الوقاية الصحية على الارتباط الوثيق بين الصحة الجسدية والنفسية والتربية على الحياة الجنسية من خلال برنامج جديد يعرف باسم "إيفراس" (Evras)، أي: التربية على الحياة العاطفية والجنسية والعلاقات.
وهو مشروع يتجاوز نطاق الإصلاح التربوي التقليدي، ليشكل اختبارا عميقا لقدرة المدرسة على الجمع بين تقديم المعرفة للتلاميذ وحمايتهم في الوقت ذاته. كما يطرح تحديا أكبر يتعلق بمدى قدرة الدولة على الموازنة بين حيادها المؤسسي وحساسية الأهالي تجاه هذه المواضيع.
وتبرز هنا تساؤلات مشروعة: هل تستطيع الدولة أن تحمي القاصرين من العنف الجنسي والتحرش، وتراجع أسس المعرفة الصحية من غير أن تفقد حيادها أو تتهم بممارسة الأيديولوجيا في حياة التلاميذ وأسرهم؟ وهل تبقى المدرسة مجرد ناقل محايد للمعرفة، أم تتحول إلى فاعل أساسي في صياغة قيم المواطنة والمساواة؟
لم يعد المشهد التربوي الفرنسي يشبه ما كان عليه قبل عقدين من الزمن، فالتلميذ الذي يدخل قاعة الدرس وهاتفه في يده، يجد نفسه أمام نافذة مفتوحة على العالم، تعرضه لصور فاضحة وعنف لغوي وجسدي متكرر.
أما الطفلة التي تنشأ في بيت آمن، فقد تخترق ذاكرتها صور من الشاشة الصغيرة أو الكبيرة، أو من منصات البث التدفقي وسائر المنصات الرقمية، تشوّه إدراكها لذاتها وللآخر في آن واحد.
من هنا، لم تعد الوقاية من هذا الخطر المحدق بالأطفال ترفا يمكن تأجيله أو السكوت عنه. وانطلاقا من هذا الوعي، تبنت وزارة التربية الفرنسية فكرة إعادة الاعتبار إلى دور المدرسة الأصلي، لا بوصفها جهازا لتلقين المعارف فحسب، بل بوصفها فضاء تربويا يعلم الأطفال إدراك حدود أجسادهم، وفهم معنى الموافقة على العلاقة الحميمة، واحترام الرفض الصريح أو الضمني.
اقرأ أيضاً
تدشين المخيم الطبي لجراحة العيون بمستشفى رؤية بالمكلا
جريدتنا اليومية
انضم إلينا لتبقى مواكباً لأحدث
التطورات المحلية والعالمية
