مقال لـ أشرف رضوان "تجارة الأسنان" في المكلا.. ما بين وجع الضرس ووجع الجيب
تحوّلت عيادات الأسنان في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، من مرافق طبية هدفها التخفيف من آلام المواطنين، إلى مشاريع تجارية بحتة تسعى خلف الربح المادي، وسط غياب رقابة صارمة من الجهات المختصة، وارتفاع غير مبرر في أسعار الخدمات الطبية التي باتت تُنهك المواطن البسيط.
تشهد المدينة تزايداً ملحوظاً في عدد العيادات السنية، حيث تنتشر في الأحياء والشوارع الرئيسية بشكل لافت، وكأنها محلات تجارية أو مطاعم سريعة ،هذا الانتشار لم يصاحبه بالضرورة تحسن في جودة الخدمات، بل أصبح مرادفاً لسباق محموم نحو الجشع، وفرض أسعار خيالية على أبسط العمليات السنية.
يقول أحد المواطنين: "لم أعد أحتمل ألم ضرسي، لكن ما أخشاه أكثر من الألم هو تكلفة الخلع!"، مضيفاً أن سعر خلع الضرس الواحد بات لا يقل عن 25,000 ريال يمني في معظم العيادات، ناهيك عن الحشوات أو التركيبات التي تتجاوز أحياناً 50,000 ريال.
وفي ظل هذا الواقع، يشعر المواطن بأن الألم مضاعف؛ ألم صحي وآخر اقتصادي، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها البلاد ،ولا يختلف الحال كثيراً حتى مع العيادات الحكومية، التي أصبحت بدورها شبه مغلقة أو تفتقر للتجهيزات، ما يدفع المواطنين للجوء للقطاع الخاص رغم تكلفته الباهظة.
اللافت أيضاً، هو بروز سلوكيات جديدة تصب في خانة "تجارة الأسنان"، حيث يتم استغلال حاجة المرضى لتحقيق أرباح سريعة، فهناك مَن يُقنع المريض بإجراء أكثر من علاج غير ضروري، أو تغيير الحشوات بحجة "عدم جودتها"، رغم أنها ما زالت سليمة.
ويؤكد مراقبون أن هذا التزايد الكبير في عدد العيادات، وغياب التسعيرة الموحدة، فتح باب الفوضى والاستغلال على مصراعيه، وسط غياب رقابة مهنية من الجهات الصحية، التي يُفترض بها ضبط السوق وتنظيم العمل الطبي بما يحفظ حق الطبيب والمريض على حد سواء.
أمام هذا المشهد، يُجمع المواطنون على ضرورة تدخل الجهات المعنية لوضع حدّ لهذه الفوضى عبر:
- تحديد تسعيرة عادلة وموحدة لكل خدمة سنية.
- مراقبة الجودة المهنية للعيادات والتراخيص.
- إعادة تفعيل العيادات الحكومية وتزويدها بالكادر والمعدات.
- تشجيع المبادرات المجتمعية التي تخفف العبء عن محدودي الدخل.
ختاماً بين مطرقة الألم وسندان الغلاء، يقف المواطن في المكلا حائراً أمام أسنانه، في زمن أصبحت فيه الابتسامة مكلفة، والضرس الموجوع صفقة تجارية مغرية للبعض فهل من رقيب يعيد للطب قيمته الإنسانية.
اقرأ أيضاً
تدشين المخيم الطبي لجراحة العيون بمستشفى رؤية بالمكلا
جريدتنا اليومية
انضم إلينا لتبقى مواكباً لأحدث
التطورات المحلية والعالمية
اخترنا لك
مقالات ذات صلة
عمال النظافة.. جيشنا البرتقالي
